مقالة فلسفية عن النسيان
هل النسيان ظاهرة سلبية أم ايجابية؟
الطريقة الجدلية
المقدمة
ان الانسان في حياته اليومية يمر بلحظات لا تستطيع ذاكرته على احياء الاحوال الشعورية الماضية لوجود ظاهرة النسيان فيعجز بصورة مؤقتة او ذائمة على الاستدعاء فاذا كانت هذه الظاهرة ميزة انسانية فان اهميتها ووضيفتها اخدت عدة تاويلات وتفسيرات متباينة انطلقت كلها من سؤال جوهري مفاده، هل النسيان ظاهرة حيوية ووضيفية ام انه تعبيرا عن الفشل وعدم القدرة على التكيف وبعبارة اخرى هل النسيان نعمة ام نقمة؟
عرض الاطروحة الاولى
النسيان كنشاط انساني يعد وسيلة لتكيف واداة تساعد الشخصية على تحقيق التوازن النفسي اذ انه بمثابة راحة للذاكرة فلولاها لاصيبت هذه الوضيفة الذهنية بالتضخم وهو حالة مرضية غير سوية فيطل الماضي ماثلا في الحاضر فلا يعيش الانسان حاضره ويواكبه بل يحيا من خلال خبرات ماضية التي تكون قد فقدت فاعليتها ان الانسان يعمل على ازاحة كل مايعكر صفاء الحياة النفسية من الم واحزان فيبعث الحيوية في الذات فتتطلع الى مستقبلها المشرق حتى قيل الخير لذاكرة هو ان تكون نساءة وقيل ايظا النسيان حارس الذاكرة انه يحرصها من التضخم ويحميها منه وقيل ايظا الذاكرة ملكة النسيان بمعنى ان الذاكرة تشكل احدى قدرات النسيان ذلك انه لولا النسيان لما كانت هناك ذاكرة فنحن نتذكر لان الخبرة الشعورية المستدعاة و التي يعاد بنائها كانة في حالة نسيان فضلا عن ذلك فان اكتساب خبرات جديدة يتطلب نسيان اخرى قديمة فقدت فاعليتها ولم تعد تخدم اللحضة الراهنة اضافة الى ذلك فان النسيان قيمة ايجابية على مستوى الاجتماعي انه يساعد على شل الاحقاد و الضغائن بين الافراد فيدفعهم الى اعادة توطيد علاقاتهم ويرسم معالم جديدة لها فالعلاقات الفاشلة و التجارب الفردية او الجماية الحزينة لابد من وضعها في طي النسيان و البدأ من جديد
النقد
ان ماقدمه الطرح السالف الذكر يكتسي اهمية كبرى لاكن النسيان لا يحمل معه دوما طابع الايجاب فقد ينطوي على اثار سلبية يهدد توازن الشخصية ويفقدها القدرة على التكيف وفي المقابل يتحول النسيان الى حالة مرضية لا صحية وبصورة عامة فان هذا الاتجاه كان متفائلا بصورة مبالغة فيها حول هذه الظاهرة
نقيض الاطروحة
إن النسيان اذا ما نظرنا اليه من زاوية النقيضة فانه ليغدو مصدرا لخيبة الامل وتعبيرا عن الفشل وفقدان القدرة على التكيف مع المواقف و اختلال توازن الشخصية وتجارب الحياة اليومية تقدم عدة اذلة على ذلك فالنسيان يقيم عقبات كبيرة امام اكتساب المعارف و تحصيلها وتخزينها فالانسان الذي ينسى مادة التعليم وما تتضمنه من معلومات في لحضة السؤال ابعد ما يكون قادرا على التكيف مع النجاح حتى قيل افة العلم النسيان كما ان النسيان يؤدي الى التلاشي بين الروابط و التواصل الاجتماعي فيفقدها حيويتها وفاعليتها فبقدر ما ننسى الاشخاص نفقد علاقتنا بهم فيزول الماضي الاجتماعي فلا يعود للانسان اي ذاكرة جماعية ولا تاريخ اجتماعي يحدد معالم المستقبل ويستشرف به ان النسيان بهذه الصورة يكون مناقضا للذاكرة وليس عونا لها بل عائقا مطبثا لها فلا تجد ما تسترجع لمواجهة الموقف الراهن ليس هذا فحسب فان النسيان يعمل على تذمير الذاكرة وتلاشيها فيتحول الى حالة مرضية يطلب علاجها لقد كان سيغموند فرويد يعالج مرضاه من خلال اخراج الرغبات اللاشعورية المكبوتة و التي كانت في حالة نسيان الى الساحة الشعورية ويدفعهم الى ممارسة التذكر الواعي قصد شفائهم لان استمرار مفعول الكبت وعدم الرغبة في التذكر يلزم عنه استمرار حالة مرضية ناتجة عن اصابة بعض الخلايا القشرة الذماغية و اختلالها.
النقد
0 تعليقات